11/03/2009

أحمدك ربي من كل قلبي


عندما يتغرب الإنسان عن بلده وينتقل للعيش في بلد جديد بناسه وعاداته وتقاليده، لا شك بأن هذه التجربة ستؤثر على حياته سواءً سلباُ أم إيجاباً، ومن الصعب جداً ألا تترك أي تأثير.

وانطلاقاً من تجربتي الشخصية، وأنا هنا لا أقصد أن أخوض في الكثير من الأمور التي أضفت إلى حياتي أشياء جديدة سواء جيدة أو سيئة إلا أنني بصدد الحديث عن شيء واحد فقط كنت قد فكرت فيه كثيراً ألا وهو "الصحة"..

نعم سمعنا كثيراً منذ الصغر أن الصحة تاج على رؤوس الاصحاء وسمعنا أكثر عن أهمية المحافظة على الصحة سواء من خلال الأهل أو الإعلانات التلفزيونية أو دروس العلوم في المدرسة أو اليافطات المنتشرة في كل مكان. لكني لم اشعر فعلاً بهذه النعمة حتى عشت خارج حدود بلادي التي اعتاد فيها المرضى والمعوقون على الاختباء داخل منازلهم. ربما لم يكن ذلك قراراً اتخذوه بمحض إرادتهم لأنه عادة ماتكون تلك الفئة من الناس خاضعة لشروط العائلة التي تخجل من أن تشير إلى مرضاها أو خاضعة لشروط مجتمع لم يعتد بعد على رؤية ناس معوقين في شوارعه وإن حدث ورأينا القليل منهم فهم بلا شك يمارسون "مهنة" التسول ومعظم الناس يشكون بنواياهم.

المجتمع الغربي يحترم كل أفراده المريض، المعاق، والسليم المعافى، كل بالتساوي. من الطبيعي جداً أن ترى مرضى السرطان الذين هر شعرهم من استخدام الأدوية الكيماوية يتجولون بالشارع بكل ثقة. من الطبيعي أن ترى عشرات الأفراد على الكراسي المتحركة يتجولون بجانبك بكراسيهم التي يجرونها بأنفسهم صامدون متحدون واقعهم وربما يعيشون سعادة داخلية لا نعرفها.

أنا لم أكتب ماكتبت لأطالب المجتمع العربي بقبول تلك الفئة من الناس والتعامل معهم كبقية أفراد المجتمع، كما أنني لا أطالب عائلاتهم بقبولهم كيفما كانوا بدل إخفائهم داخل المنازل أو إبعادهم في المستشفيات فذلك الأمر يستدعي تكاتف المنظمات الدولية لحقوق الإنسان والجمعيات الخيرية في المنطقة ونشطاء من كل الدول ووووو… أنا كتبت ذلك فقط لأقول أني أشعر فعلاً بالخجل عندما أشكو من أي شيء في هذه الدنيا بينما صحتي بخير.

أشعر بالخجل كلما رأيت شخصاً على كرسي متحرك يمر بجانبي مبتسماً بينما أنا كنت للتو أشكو التعب من المشي طول النهار.

أشعر بالخجل لأني لم أتعلم أن أقدر معنى الصحة على الرغم من كل ما قرأته في الصغر والكبر وتعاملت مع المسألة وكأنها واقع طبيعي وشيء مضمون للأبد.

رؤية هؤلاء الناس كل يوم علمتني أن الصحة نعمة من أعظم النعم التي أنعم الله علينا بها وإن ذهبت فكل أموال وجاه الدنيا لن تعوضنا أبداً عنها.

أحمدك ربي من كل قلبي على هذه النعمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق