2/15/2010

توت عنخ اَمون


قبل ستة أشهر تقريباً من افتتاح المعرض، احتلت صور توت عنخ اَمون كل ركن من أركان المدينة، وتسابقت المجلات والصحف على التقديم لوصوله. لم يخلو باص أو قطار أو نفق أو أي مكان عام من نبذة عن حياته أو من صورة لقناعه أو إعلان عن  المعرض. اللافتات ملأت الشوارع والأعمدة والأبنية وبات خبر قدومه حديث كل الناس حتى لتظن أن الملك سيفتتح معرضه بنفسه! 


طبعاً زرت المعرض الذي خصص له مساحة ضخمة من المتحف، لا أعرف كيف أصف ما شاهدت فالعظمة التي قدم فيها تفوق الوصف والخيال. كان هنالك عدة قاعات تستعرض بالصور والتماثيل تاريخ كل حقبة من حياة الفراعنة وصولاً إلى حياة توت عنخ امون الذي خصص له القسم الأكبر من المساحة. كان هنالك أيضاً مساحة لبيع التذكارات المتعلقة بالفراعنة والملك تظهر عند الانتهاء من اَخر قاعة. تلك المساحة تختلف تماماً عن المساحة الرئيسية في المتحف التي يباع فيها عادة الهدايا التذكارية. لم تقل تلك المساحة عظمة عن المعرض نفسه وكان فيها كل أنواع الهدايا التي تخطر في بال ولكن من وجهة نظر فرعونية!


الملفت للنظر أن ماعرض في المعرض من ممتلكات للملك لا يمثل اثنين بالمئة مما هو معروض في المتحف الوطني في القاهرة. في معرضنا الغربي عرضوا صحنه، مخدته وسريره الخشبي الرفيع، إضافة إلى القليل جداً من مجوهراته. إلا أن الملك لم يكن حاضراً ولا حتى قناعه. أخبرني صديقي أن مصر أصدرت قراراً في الثمانينات يجبر الملك على ملازمة البلاد و عدم مغادرتها تحت أي ظرف من الظروف. ولكن ماذا عن قناعه الذهبي الذي احتلت صوره كل مكان؟ لم لم يحضرونه؟  ماذا عن المبالغ الهائلة   التي صرفت للدعاية والإعلان والديكور؟ أكل ذلك فقط من أجل عرض أشياء لا تقارن بالتمثال نفسه ولا حتى بقناعه؟ أكل ذلك فقط من أجل احترام ذكرى ملك فرعوني؟ في الحقيقة نعم!! كل ذلك الترف والبذخ كان لإحياء ذكراه ولإظهار عظمة الفراعنة... تلك العظمة التي لم أشعر بوجودها في المتحف المصري على الرغم من توفر كل مكوناتها. متحف القاهرة جعلني أشعر بالمرارة والأسى في كل لحظة قضيتها هنالك فالتاريخ الذي وقفت أمامه كان من أعظم ما مر على البشرية والتماثيل الموجودة كانت من أجمل ما رأيت إلا أن الفوضى والغبار والأوساخ المتناثرة في المتحف كان من أسوأ ما عشته. لا أعرف إلى متى ننتظر من الغريب أن يحترم تاريخنا ويبجل تماثيلنا بينما نحن من نملكهم؟!  


هناك 5 تعليقات:

  1. :D
    تحفه تحفه بجد التقرير دا
    نفسي اكون هناك فعلا :)
    شكرا جداً لحضرتك استاذه هنادي استمتعت فعلا ، لو في صور اكتر ياريت ترفعيها على الفيس بوك ويكون بجد جميل جداااا
    صباح الهنا بقى :)

    ردحذف
  2. إسراء حبيبتي
    شكراً على الكلمات الرقيقة. سررت جداً بقراءة تعليقك :-)

    التصوير في الداخل كان ممنوعاً (حفاظاً على سلامة التماثيل) وحتى لو أردت التصوير لما استطعت فالمكان كان مزدحماً جداً على الرغم من تنظيم الدخول!

    الصور المرفقة هنا التقطت في المساحة المخصصة لبيع التذكارات التي صممت خصيصاُ من أجل تلك المناسبة. سأحمل المزيد منها على فيس بوك -كما طلبتي- قريباً إن شاء الله.

    ردحذف
  3. هناك فرعون آخر مهتمون به .. " والحي أبقى من الميت " ((:

    ردحذف
  4. هههه..العتر على حق..هناك فراعنة اخرون..من عصر المستحاثات..
    تحياتي

    ردحذف
  5. توت عنخ أمون تمثال مميز جدا ورائع فعلا
    تقبل تحياتى استاذه هنادي
    بلوج رائع ومميز

    ردحذف